کل نعمه بما ینبغی علیه أن یستعمل، فلا یحبس ولا یهمل، ویکون من الشاکرین.

أَتَی أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَی عَمَّا یُشْرِکُونَ (1) یُنَزِّلُ الْمَلَائِکَهَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَی مَنْ یَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ (2)

أتی أمر اللَّه: ذکرنا سابقاً أنّ قسماً مهمّاً من الآیات التی جاءت فی أوّل السوره هی آیات مکیه نزلت حینما کان النبی صلی الله علیه و آله یخوض صراعاً مشتدّاً مع المشرکین وعبده الأصنام، وما یمرّ یوم حتی یطلع أعداء الرساله بمواجهه جدیده ضد الدعوه الإسلامیه المبارکه، لأنّها ترید بناء صرح الحریه، بل کل الحیاه من جدید.

ومن جمله مواجهاتهم الیائسه قولهم للنبی صلی الله علیه و آله حینما یهددهم وینذرهم بعذاب اللَّه: إن کان ذلک حقاً فلِم لا یحلّ العذاب والعقاب بنا إذن؟!

ولعلهم یضیفون: وحتی لو نزل العذاب فسنلتجی ء إلی الأصنام لتشفع لنا عند اللَّه فی رفع العذاب ... ولِم لا یکون ذلک، أوَ لسن شفیعات؟!

وأوّل آیه من السوره تُبطل أوهام اولئک بقوله تعالی: «أَتَی أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ».

وإن اعتقدتم أنّ الأصنام شافعه لکم عند اللَّه فقد أخطأتم الظن «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَی عَمَّا یُشْرِکُونَ».

وبما أنّ مستلزمات العدل الإلهی اقتضت عدم العقاب إلّابعد البیان الکافی والحجه التامه، فقد أضاف سبحانه: «یُنَزّلُ الْمَلِکَهَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَی مَن یَشَاءُ مِن عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُوا أَنَّهُ لَاإِلهَ إِلَّا أَنَا». بناء علی هذا الإنذار والتذکیر «فَاتَّقُونِ».

مختصر الامثل، ج 3، ص: 8

أمّا المقصود من «الروح» فی الآیه هو: الوحی والقرآن والنبوه، والتی هی مصدر الحیاه المعنویه للبشریه.

إنّ کلمه «الروح» فی هذا الموضوع ذات جانب معنوی وإشاره إلی کل ما هو سبب لإحیاء القلوب وتهذیب النفوس وهدایه العقول.

خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ بِالْحَقِّ